مدخل حول نشأة الإرشاد النفسًي
وسوف نشير هنا الي عدة أمور تجعل الحاجة ماسة للإرشاد النفسي والتي منها :
1- فترات الانتقال :
يمر جميع الأفراد خلال مراحل نموهم بفترات انتقال يحتاجون فيها إلى التوجيه والإرشاد وأهم هذه الفترات :
- الانتقال من الطفولة الوسطى إلى الطفولة المتأخرة ثم إلى مرحلة المراهقة ومرحلة البلوغ مرحلة الشباب ثم مرحلة الزواج وهكذا 2- التغيرات الأسرية والاجتماعية ومن مظهرها :
- حلول الأسرة الزوجية المستقلة محل الأسرة الكبيرة الممتدة .
- ظهور مشکلات أسرية مثل السكن ، تنظيم الأسرة ومشكلات الزواج ومشكلات الشيخوخة .
- خروج المرأة للعمل لتدعيم الأسرة اقتصادية وما نتج عنه من تغير في دور المرأة في الأسرة ونوع العلاقة السائدة بين أفراد الأسرة ( الزوج ، الزوجة ، الأولاد ، الجد ، الجدة) .
- وضوح الصراع بين الأجيال وزيادة الفروق في القيم والمعايير الاجتماعية بين الشباب والشيوخ .
- إدراك أهمية التعليم في تحقيق الارتفاع في السلم الاجتماعي ، الاقتصادي ( social mobility ) .
- تغيير في بعض المظاهر السلوكية والعادات والقيم ، ورضا الناس بما لم يرضوا عنه سابقا .
3- التقدم العلمي والتكنولوجي ومن مظاهره :
- زيادة المخترعات الحديثة .
- سياسة الضبط الآلي في الصناعة .
- تطور الإعلام ووسائله ( الراديو والتلفزيون ) وتكنولوجيا المعلومات والانفجار المعرفي .
- زيادة الحاجة إلى إعداد صفوة ممتازة من العلماء لضمان التقدم العلمي التكنولوجي .
- زيادة التطلع إلى المستقبل والتخطيط له .
- تغير الاتجاهات والقيم والأخلاقيات وأسلوب الحياة .
- تغير النظام التربوي والكيان الاقتصادي والمجال المهني .
4-عصر القلق :
نحن نعيش في عصر يمكن أن نطلق عليه وبدون حرج اسم " عصر القلق " فلقمة العيش ص عبة المنال والبحث عن الأمن والسلامة والوظيفة والكلية أو الجامعة والمستقل السياسي والعلاقات الاجتماعية والمعايير والقيم ، تشكل جميعها مصدر قلق للأفراد . ( زهران ، 1998 ،ص34-39)
5- التطور في مجال التعليم :
إن ازدياد أعداد التلاميذ في المدارس وتطور التعليم ومفاهيمه وزيادة مصادر المعرفة، وزيادة التخصصات والمواد جعلت المعلم غير قادر على مواجهة هذا الكم من الأعباء في المؤسسات التعليمية، وخاصة أن المدرسة تضم طلاب متفوقين وطلاب معاقين وجانحين مما أدى إلى بروز بعض المشاكل في التكيف والتوافق المدرسي .
بالإضافة إلى تطور التعليم فقد كان قدیما يهتم بتلقين المعلومات والحقائق أما في عصرنا الحالي فأصبح يهتم بالطالب وجعله محور العملية التعليمية وأصبح في مقدوره أن يختار ما يناسب ميوله وقدراته و ارتبط التعليم بحاجات ومطالب الطالب وقدرته على إشباع مثل هذه الحاجات والمطالب .
ومن ملامح تطور التعليم إشراك الأسرة في العملية التربوية من أجل خلق نوع التعاون ما بين الأسرة والمدرسة فضلا عن زيادة أعداد التلاميذ في المدارس مما أدى إلى ضرورة وجود برنامج للإرشاد النفسي في المدارس بجميع مراحلها المختلفة . (الزبادي والخطيب، 2000 ،ص 15 )
6-التغيرات في مجال العمل :
إن التقدم الحاصل في المجال العلمي والتكنولوجي والصناعة أثر على الناس وعلى ما يقومون به من أعمال، فقد تغير البناء الوظيفي والمهني في المجتمع فكثرت الأعمال وتنوعت وسائل الإنتاج وزادت التخصصات في العمل وزالت مهن قديمة وظهرت مهن أخرى جديدة، هذا بالإضافة إلى حلول الماكينة الصناعية محل الأيدي العاملة أدى إلى ظهور حالة من القلق عند الأفراد على أعمالهم وإلى الاضطرار إلى تغيير العمل إلى عمل آخر، ولابد ليتسنى لهم التكيف والتوافق في أعمالهم من أن يواجهوا ما يعترضهم من مشكلات وذلك بمساعدة الإرشاد النفسي. (سمارة والنمر، 1992،ص16)
تعريف الإرشاد النفسي:
ویعرف (روجرز) الإرشاد بأنھ ھو العملیة التي یحدث فیھا استرخاء لبنیة الذات للمرشد في إطار الأمن الذي توفره العلاقة مع المرشد، والتي یتم فیھا إدراك المسترشد لخبراتھ المستبعدة في ذات جدیدة. وعرف(تولیبر ) الإرشاد بأنھ عبارة عن العلاقة الشخصیة وجًھا لوجھ بین شخصین، أحدھما ھو المرشد من خلال مھاراتھ، وباستخدام العلاقة الإرشادیة یوفر موقفا تعلیمیا للشخص الثاني للمسترشد، وھو نوع عادى من الأشخاص، حیث یساعده علي تفھم نفسھ وظروفھ الراھنة والمقبلة وعلي حل مشكلاتھ وتنمیة مھاراتھ و إمكانیاتھ، بما یحقق إشباعا تھ، وكذلك مصلحة المجتمع في الحاضر والمستقبل
وتشير إيمان الكاشف (1993) إلى أن الإرشاد النفسي ما هو إلا علم خاص بتنمية سلوكيات الجماعات والأشخاص من خلال إعانة الجماعة أو الأشخاص على أن يكون سلوكهم فعَّالًا.
ويعرِّف محمد الشناوي (1996) عملية الإرشاد النفسي بأنها عملية تتسم بالطابع التعليمي، تَحدث بين الشخص المسترشد الذي يأمل في اتخاذ قراراته وحل مشاكله والمرشد النفسي المؤهَّل الذي يقدِّم له المساعدة مستغلًا مهاراته والعلاقة الإرشادية حيث يصل به إلى أن يستوعب ظروفه ونفسه، وأن يتوصل إلى أفضل القرارات سواء كانت في المستقبل أم في الحاضر.
ويذكر رمضان القذافي (1997) أن عملية الإرشاد النفسي هي عملية قائمة على علاقة مهنية خاصة بين شخصين هما الشخص المسترشد والمرشد النفسي المتخصص، ويسعى المرشد النفسي عن طريق العلاقة الإرشادية إلى استيعاب الشخص المسترشد وجعله يستوعب نفسه، وأن يختار أحسن الفرص المتاحة أمامه استنادًا إلى تنمية وعيه باحتياجات بيئته الاجتماعية، وتقييمه لقدراته ونفسه وإمكاناته الواقعية، ومن المتوقَّع أن يغير الشخص المسترشد سلوكه طوعيًا تبعًا لحدود ومسار إيجابي معَين.
وقدَّم أيضًا حامد زهران (1998) تعريفًا خاصًا بالإرشاد النفسي أشار فيه إلى أن عملية الإرشاد النفسي هي عملية جعل الشخص المسترشد قادرًا على مساعدة ذاته، وهذا من خلال تنمية شخصيته واستيعاب ذاته، من أجل أن يصبِح متوافقًا مع بيئته، وأن يستغل جميع إمكانياته وقدراته حتى يصير قادرًا على التوافق في المستقبل.
ويعرِّف علاء الدين كفافي (1999) الإرشاد النفسي بأنه قناة من قنوات الخدمة النفسية التي يتم تقديمها إلى الجماعات أو الأشخاص من أجل السيطرة على الصعوبات التي تقابلهم في طريقهم وتعوق إنتاجهم وتوافقهم.
ويذكر محمد السيد وآخرون (2001) أن الإرشاد النفسي يعَد من أحد أفرع علم النفس التطبيقية، وهو عبارة عن عملية تعليم وتعلم اجتماعي يَقوم بها شخص متخصص في الإرشاد النفسي من أجل جعل الشخص المسترشد قادرًا على استيعاب ميوله وقدراته والبيئة التي تحيط به وأن يفهم نفسه، كما تساعده على حل مشكلاته والوصول إلى التوافق النفسي والصحة النفسية في المجالات الاجتماعية والمهنية والشخصية والتربوية، وهذا يكون في إطار علاقة إرشادية إنسانية مهنية.