المحور الأول: مدخل للنظام الاقتصادي الدولي
1 مفهوم النظام الاقتصادي الدولي
يشمل النظام الاقتصادي الدولي مجموع الوحدات الدولية ذات الطابع الاقتصادي ( دول، منظمات، شركات ) والتي تمارس معاملات اقتصادية تتجاوز الحدود الوطنية للدول. تم الاهتمام بهذا الفرع خصوصا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث شهدت هذه المرحلة أكبر تنظيم لشؤون الاقتصاد الدولي، شملت مختلف المجالات ( تجارة السلع، الخدمات، تبادل رؤوس الأموال ) ومع التطور الصناعي ووسائل المواصلات والاتصالات وحركة رؤوس الأموال، أصبحت العلاقة بين مكونات النظام عبارة عن حلقات متماسكة ومتكاملة مع بعضها البعض.
في إطار النظام الاقتصادي الدولي، كل دولة تتأثر وتؤثر في الدول الأخرى. ومع تعاظم دور العامل الاقتصادي في العلاقات الدولية خصوصا في نهايات القرن العشرين، أصبح نجاح أي دولة أو فشلها يعتمد على قوة علاقاتها الاقتصادية بالدول الأخرى، في ظل الاعتماد المتبادل ونطاق العولمة. فازدادت عملية الاندماج الاقتصادي على مستوى العالم، نتيجة لتحرير التجارة وتدفق رؤوس الأموال، وتسهيل تنقل وسائل الانتاج والمعرفة التقنية، وانفتاح غالبية دول العالم وانتهاجها نمط الاقتصاد الرأسمالي.
باختصار، إن دراسة العلاقات الاقتصادية الدولية تعني دراسة مجموع التفاعلات والمعاملات ومجموع الأنشطة الأقتصادية التي تتم بين مختلف الدول والتجمعات الاقتصادية، وكذلك الشركات دولية النشاط والمنظمات والمؤسسات الاقتصادية الدولية. وتكمن أهمية هذه العلاقات ما بين الدول أساسا في الاستفادة من التخصص وتقسيم العمل، ووفورات عوامل الانتاج المتباينة بين الدول، وأيضا توسيع الأسواق وتصريف فوائض الانتاج.
2/ مجالات الاقتصاد الدولي: ينقسم أساسا إلى 3 مجالات:
أ/ مجال تجارة السلع: يطلق على هذا المجال، مجال التجارة الدولية. يشمل السلع العينية بمختلف أنواعها استيرادا وتصديرا. وتتفاوت قدرة الدول على الاستيراد تبعا للعديد من العوامل أهمها القدرة المالية للدولة، أي مدى حيازتها للنقد الأجنبي القابل للوفاء بالالتزامات الدولية، وأيضا قدرة جهازها الانتاجي على تلبية احتياجاته المحلية من السلع التي تحل محل الواردات. وعادة ما يطلق على مجموعة الدول النامية بأنها حساسة للواردات بمعنى أنها بحاجة إلى تكثيف الواردات من السلع لإشباع حاجات سوقها المحلية نظرا لضعف الجهاز الانتاجي على استغلال الموارد المتاحة، أو ضعف عوامل الانتاج اللازمة لانتاج سلع معينة. كما تتفاوت قدرة الدول على الاستيراد كذلك تتفاوت قدرتها على التصدير، تبعا لعوامل الانتاج المتاحة لديها وقدرتها على الاستغلال الأمثل لتلك العوامل، وقدرتها على الوصول إلى الأسواق الخارجية لصادراتها، والذي يتوقف على قوتها ومدى علاقاتها مع باقي الدول. في هذا المجال تعتبر الدول الصناعية الرائدة في التصدير. بينما تتراجع غالبية الدول النامية. حيث أن أغلب صادراتها من السلع الأولية الزراعية أو الاستخراجية، التي تنخفض أسعارها مقارنة بالسلع الصناعية.
ب/ مجال الخدمات: كان هذا المجال يدرس في إطار تجارة السلع، لكن تم تناوله بصفته المنفردة في أواسط ال 70، وتم التوسع فيه في أواخر ال 80 بعد الدعوة العالمية لتحرير هذه التجارة من القيود التي تعترض انسيابها بين الدول. تشمل تجارة الخدمات كل ما يقدم من خدمة السفر والنقل والسياحة، والخدمات المصرفية والتأمين والاتصالات والإعلام والترجمة، وكذلك الخدمات المهنية كالمحاماة والتعليم والتمريض.
جـ/ مجال تبادل الرأسمال النقدي: هو ما يعبر عنه بحركة رؤوس الأموال. سواء كانت رؤوس أموال نقدية أم عينية. هذه الأخيرة تتمثل في مجموع المعدات والالات المساعدة في الانتاج. وهو ما يتقاطع مع مجال السلع. أما رأسمال النقدي فيعبر عن انتقال وتدفق رؤوس الأموال من دولة لأخرى، الذي يتم عادة عبر المؤسسات المالية الدولية والبنوك والبورصات.