تمهيد : 

      يُعدُّ البحث العلمي عمودًا أساسيًا لتطوير المعرفة وتقدم الإنسانية، ويتطلب احترام أسس وقواعد المنهجية، مع مراعاة القيم والمبادئ الأخلاقية. فمع تطور التكنولوجيا وسهولة الوصول إلى المعلومات في العصر الرقمي، تزايدت حالات السرقة العلمية وانتهاك حقوق الملكية الفكرية. لذلك، أصبح من الضروري التذكير بأخلاقيات البحث العلمي لضمان الحفاظ على الأمانة العلمية.

1.مفهوم أخلاقيات البحث العلمي وضوابطها :

      أخلاقيات البحث العلمي:  يقصد مجموعة من المبادئ والقواعد التي يجب على الباحثين احترامها، مثل: الشفافية في تقديم المعلومات والمصادر، واستخدام المصادر بنزاهة دون تزوير أو تلاعب، واحترام حقوق الملكية الفكرية للآخرين.و تهدف هذه الأخلاقيات إلى الحفاظ على نزاهة البحث العلمي والمحافظة على حقوق الملكية الفكرية وتقدير الاسهامات المعرفية والعلمية التي قدمها الباحثون .

     الضوابط الأخلاقية للباحث العلمي : وتتضمن  أخلاقيات الباحث العلمي مجموعة من الضوابط الأخلاقية خلال مختلف مراحل البحث، بما في ذلك:

1. الضوابط الأخلاقية أثناء تخطيط البحث: يجب إيجاد فجوة بحثية انطلاقا من الدراسات السابقة وتجنب سرقة أفكار الغير .

2.  الضوابط الأخلاقية أثناء جمع و معالجة المعلومات: يجب أن يتعامل الباحث مع المعلومات بنزاهة ودقة، ويجب عدم تحريف النتائج لدعم أفكاره الشخصية.

3.الضوابط الأخلاقية في الأمانة العلمية، يجب أن يكون الباحث أمينًا في استخدام المصادر والاقتباس منها، ويجب على الباحث الإشارة إلى المصادر بدقة والاحترام الكامل لحقوق الملكية الفكرية للآخرين.

فإن الالتزام بأخلاقيات البحث العلمي يساهم في بناء أسس موثوقة للبحث ويحقق النزاهة في تطوير المعرفة والعلم.

2. الأمانة العلمية : تعتبر الامانة العلمية من أهم اخلاقيات البحث العلمي بحيث أنه لابد على الباحث أو الطالب عند تعامله الدراسات السابقة أن يتحلى بالأمانة العلمية في استعمال المراجع مع ذكر كل المراجع والابحاث التي ساعدته ليقدم بحث أكاديمي مميز ويتصف بالحصرية والشمولية ، من خلال أن يكون الباحث أمينا شريفا صادقا ، فيفصح عما إذا كان قد استعان في بحثه بعمل شخص آخر أو استشهد بأفكار غيره ، ويمتنع أن يسلب من غيره ثمرة تعبه وينسبها إلى نفسه دونما وجه حق.

تتمثل فوائد الأمانة العلمية في إرجاع الفضل للأخرين على الافكار والمعلومات التي قدموها كذلك نقدم للقراء مصادر المعلومات حتى يتمكنوا من معرفة مصدرها للاستفادة منه.

 تتجلى الأمانة العلمية في صور ومظاهر شتى أهمها:

·        إظهار الاقتباس أو إعادة الصياغة المأخوذة من كتاب آخر ؛ إظهار كيفية الاستفادة من أعمال الكتاب الآخرين في تكوين رأي ما.

·        الاستشهاد بأعمال الاخرين والاشارة اليها كمراجع.

·        إعادة صياغة أعمال الكتَّاب الآخرين بطريقة تجعلها أكثر فهمًا، مما يسهل على القارئ فهمها، مع الإشارة إلى المصادر بوضوح.

3.تعريف السرقة العلمية: السرقة العلمية في أبسط معانيها ، هي استخدام غير معترف به لأفكار وأعمال الآخرين، يحدث بقصد أو بغير قصد وسواء أكانت السرقة مقصودة أو غير مقصودة ، وهو شكل من أشكال النقل غير القانوني.

     وتعتبر سرقة علمية بمفهوم القرار الوزاري رقم 1082 المؤرخ في 27 ديسمبر2020، يحدد القواعد المتعلقة بالوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها فهي: كل عمل يقوم به الطالب أو الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث ألاستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو كل من يشارك في عمل ثابت للانتحال وتزوير النتائج أو غش في الأعمال العلمية المطالب بها أو في أي منشورات علمية أو بيداغوجية أخرى".

     فالسرقة العلمية تمثل انتهاكا أكاديميا خطيرا لذا يجب أن تسعى المؤسسات العلمية الجامعية بكل السبل لمجابهتها من خلال احترام منهجية البحث العلمي خاصة عند الاقتباس إذ يجب وضع الجمل المقتبسة بين علامتي تنصيص مع تسجيل كافة بيانات المصدر في ذات الصفحة أو في نهاية البحث حسب طريقة التوثيق العلمي المتبعة من طرف الطالب الباحث مع تسجيل المصدر بكامل بياناته ضمن قائمة المصادر والمراجع والتوثيق الدقيق هذا ليس حكرا على الكلمات بل ضرورة حتمية عند اقتباس أفكار الآخرين حتى ولو تم إعادة صياغتها في أسلوب جديد.

4.صور السرقة العلمية المحددة وفقا للقرار 1082 المؤرخ في 27 ديسمبر 2020 حسب المادة الثالثة منه :

·     اقتباس كلي أو جزئي لأفكار أو معلومات أو نص أو فقرة أو مقطع من مقال منشور أو من كتب أو مجلات أو دراسات أو تقارير أو من مواقع الكترونية أو إعادة صياغتها دون ذكر لمصدرها ولأصحابها الأصليين.

·     اقتباس مقاطع من وثيقة دون وضعها بين شالتين ودون ذكر مصدرها وأصحابها الأصليين.

·     استعمال معطيات خاصة دون تحديد مصدرها وأصحابها الأصليين.

·     استعمال براهين أو استدلال معين دون ذكر مصدره وأصحابه الأصليين.

·     نشر نص أو مقال أو مطبوعة أو تقرير أنجز من طرف هيئة أو مؤسسة واعتباره عملا شخصيا قيام الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الاستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص أخر بإدراج اسمه في بحث أو أي عمل علمي دون المشاركة في أعداده.

·     استعمال إنتاج فني معين أو إدراج خرائط أو صور أو منحنيات بيانية أو جداول إحصائية أو مخططات في نص أو مقال دون الإشارة إلى مصدرها وأصحابها الأصليين.

·     الترجمة من إحدى اللغات إلى اللغة التي يستعملها الطالب أو الأستاذ الباحث أو الأستاذ الاستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم بصفة كلية أو جزئية دون ذكر المترجم والمصدر.

·     قيام الباحث الرئيسي بإدراج اسم باحث آخر لم يشارك في إنجاز العمل بإذنه أو دون إذنه بغرض المساعدة على نشر العمل استنادا لسمعته العلمية.

·     قيام الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الاستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص آخر بتكليف الطلبة أو أطراف أخرى بانجاز أعمال علمية من أجل تبنيها في مشروع بحث أو انجاز كتاب علمي أو مطبوعة بيداغوجية أو تقرير علمي.

·     استعمال الأستاذ الباحث أو الأستاذ الاستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص آخر أعمال الطلبة ومذكراتهم كمداخلات في الملتقيات الوطنية والدولية أو لنشر مقالات علمية بالمجلات والدوريات.

·     إدراج أسماء خبراء ومحكمين كأعضاء في اللجان العلمية للملتقيات الوطنية أو الدولية أو في المجلات والدوريات من أجل كسب المصداقية دون علم وموافقة وتعهد كتابي من قبل أصحابها أو دون مشاركتهم الفعلية في أعمالهم.

5.الآليات الوقائية للحماية من السرقة العلمية: من أهم التدابير الوقائية لمكافحة وتنجب الوقوع في جريمة السرقة العلمية وتتمثل في:

أولا: التحسيس والتوعية: بالرجوع إلى نص المادة 04 الرابعة من القرار رقم 1082 نجد أن المشرع الجزائري حدد جملة من التدابير التي تقوم عليها فكرة التحسيس والتوعية التي تحول دون الوقوع في السرقة العلمية هذه التدابير تتمثل في:

·     تنظيم دورات تدريبية لفائدة الطلبة والأساتذة الباحثين والباحثين الدائمين حول قواعد التوثيق العلمي وكيفية تجنب السرقات العلمية.

·     تنظيم مدوات وأيام دراسية لفائدة الطلبة والاساتذة الباحثين والباحثين الدائمين الذين يحضرون أطروحات الدكتوراه .

·     ادراج مقياس أخلاقيات البحث العلمي والتوثيق في كل أطوار التكوين العالي

·     اعداد أدلة إعلامية تدعيمية حول مناهج التوثيق وتجنب السرقات العلمية في البحث العلمي.

·     إدراج عبارة التعهد بالالتزام بالنزاهة العلمية والتذكير بالاجراءات القانونية في حالة ثبوت السرقة العلمية في بطاقة الطالب وطيلة مساره الجامعي.

ثانيا: برمجيات كشف السرقة العلمية

 تعبر مجموعة من البرامج المتخصصة في كشف السرقة العلمية وهي برمجيات متاحة على الانترنيت تكون مجانية أو بمقابل بقوم بكشف ومضاهاة النصوص لكشف التعرض للانتحال والسرقة، تتمثل أهم وظائف هذه البرمجيات في :

·     مضاهاة وثيقة بوثيقة أخرى وبيان نسبة أوجه التشابه والاختلاف بينهما.

·     المساعدة في اجراء التصويبات علة ملف الوثيقة التي يتم فحصها.

·     طباعة التقارير مع امكانية حفظها في صيغات ملفات نصية.

·     اختزان تقارير فحص الوثائق بحساب المستخدم.

·     مشاركة التقارير مع افراد آخرين مسجلين على نفس البرنامج.

·     التعامل مع الوثائق بأكثر من لغة .

ثالثا : تفعيل دور المجالس العلمية للمؤسسات الجامعية

·     يتم تفعيل دور ومهام المجالس العلمية للمؤسسات الجامعية من خلال تحديد عدد الرسائل والأطروحات التي يمكن أن يشرف عليها كل أستاذ، وهذا حتى يستطيع المشرف متابعة كل مراحل إعداد وكتابة الأطروحة أو المذكرة، وبالتالي منع الطالب من الوقوع في فخ السرقة العلمية.

·     احترام تخصص الاستاذ في مجال الاشراف على نشاطات البحث، وكذا في مجال تعيين في لجان الخبرة والمناقشة لأن ذلك من شأنه أن يعمل على اكتشاف الغش الاكاديمي في حالة ارتكابه من قبل الطالب.

·     انشاء قاعدة بيانات خاصة بعناوين الأطروحات والمذكرات وموضوعاتها، بحيث يستند عليها الطالب في اختيار موضوع لم يسبق تناوله من قبل، وذلك من أجل تجنب عملية النقل والسرقة العلمية.

·     تقديم تقرير سنوي من قبل الطالب أو الاستاذ أو الباحث عن حالة تقدم اعمال يحثه أمام الهيئات العلمية المختصة من أجل متابعته وتقييمه مع اجباره على بذل مجهود أكبر في رفع النسية المئوية للتقدم في البحث.

رابعا: استحداث مجلس آداب وأخلاقيات المهنة الجامعية

استحدث لدى مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي مجلس للآداب وأخلاقيات المهنة الجامعية يتشكل من اعضاء من مختلف التخصصات ووفقا للمعايير مرتبطة بالإنجاز العلمي والأمانة العلمية ، وتتمثل مهام هذا المجلس فيما يأتي:

·        دراسة اخطار بالسرقة العلمية واجراء التحقيقات والتحريات اللازمة بشأنها؛ تقدير درجة عدم الالتزام بقواعد الاخلاقيات المهنية والنزاهة العلمية لكل حالة تعرض عليه .

·        تقدير درجة الضرر اللاحق بسمعة المؤسسة وهيئاتها العلمية.

·        إحالة كل حالة تتعلق بالسرقة العلمية على الجهات الادارية المختصة في المؤسسة، مشفوعة بتقرير مفصل يبين حالات الانتحال والسرقة العلمية في العمل موضوع الإحالة .

خامسا: الرقابة

طبقا لنص المادتين السادسة والسابعة من القرار رقم 1082 الصادر عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فإنها تلزم المؤسسات الجامعية ومؤسسات البحث المتخصصة باتخاذ التدابير الرقابية المتمثلة في :

·        تأسيس على مستوى المواقع الإلكترونية لمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، قاعدة بيانات لكل الأعمال المنجزة من قبل الطلبة والأساتذة الباحثين والأساتذة الباحثين الاستشفائيين الجامعيين والباحثين الدائمين، تشمل على الخصوص مذكرات التخرج ومذكرات الماستر والماجستير وأطروحات الدكتوراه، تقارير التربصات الميدانية مشاريع البحث والمطبوعات البيداغوجية .

·        تأسيس لدى كل مؤسسات التعليم العالي ومؤسسات البحث قاعدة بيانات رقمية لأسماء الأساتذة الباحثين والأساتذة الباحثين الاستشفائيين الجامعيين والباحثين الدائمين حسب شعبهم وتخصصهم، وسيرهم الذاتية ومجالات اهتماماتهم العلمية والبحثية للاستعانة بخبرتهم من أجل تقييم أعمال وأنشطة البحث العلمي

·        شراء حقوق استعمال برمجيات معلوماتية كاشفة للسرقات العلمية باللغة العربية واللغات الأجنبية أو استعمال البرمجيات المجانية المتوفرة في شبكة الإنترنت، وغيرها من البرمجيات المتوفرة أو إنشاء برمجية معلوماتية جزائرية كاشفة للسرقة العلمية.

·        إمضاء التزام بالنزاهة العلمية من قبل كل طالب باحث عند تسجيل موضوع بحثه يودع لدى المصالح الإدارية المختصة لوحدة .

6. الآليات العقابية في حالة وقوع السرقة العلمية:

طبقا لنص المادة 27 من القرار رقم 1082 المؤرخ في 27 ديسمبر 2020، فإن كل طالب يقوم بتصرف يشكل سرقة علمية بمفهوم المادة الثالثة من هذا القرار فإنه يعرضه إلى ابطال المناقشة وسحب اللقب الحائز عليه.


 ملاحظة : يمكن للطالب الاطلاع على القرار  1082  المؤرخ في 27 ديسمبر 2020  المحدد للقواعد المتعلقة بالوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها من خلال تحميله على الرابط التالي : 

https://www.mesrs.dz/index.php/textes-juridiques-ar/chapitre3-ar/#:~:text=%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%20%D8%B1%D9%82%D9%85%20933%20%D9%85%D8%A4%D8%B1%D8%AE%20%D9%81%D9%8A%2028%20%D8%AC%D9%88%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9%202016,%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%8A%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%20%D8%B3%D9%86%D8%A9%202016%D8%8C%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%29.

 


Last modified: Friday, 15 March 2024, 4:19 PM