الفصام
الدرس:09
الفصام
1. تعريفه: يرى كل من Brigid M. Kane, Christine, Ph.d. Collins (2007 :1) أن "الفصام هو مرض عقلي معقد وغالباً ما يكون معطلاً للقدرات العقلية، فهو من بين أخطر الاضطرابات العقلية على الاطلاق. فمصطلح الفصام يعني حرفيا "العقل المنقسم أو المتفكك"، فإنه غالبا ما يتم الخلط بينه وبين شخصية "الازدواجية" أو المتعددة، غير أن الفصام هو اضطراب ذهاني يسبب اضطرابات عقلية شديدة تعطل الأفكار والكلام والسلوك".
كما يرى David H. Barlow (2008 :463-464) أن الفصام هو مرض عقلي خطير يتميز بأعراض إيجابية للهلاوس والهذيانات واضطرابات التفكير. كما هناك أعراض سلبية وهي أيضا موجودة في كثير من الأحيان وتعكس انخفاض أو فقدان الأداء الطبيعي، وتشمل هذه القيود في نطاق وشدة العواطف، وفي طلاقة وإنتاجية الفكر واللغة، وفي بدء السلوك. يمكن أن تكون عواقب هذه الأعراض مختلة في الأداء الشخصي والاجتماعي والمهني.
2. المعايير التشخيصية: حسب DSM V (A.P.A, 2013 :99 ;2015 :122-123) 295.90 (F20.9)
أ. اثنان (أو أكثر) من الأعراض التالية، ويجب أن يكونا حاضرين لفترة معينة من الزمن خلال فترة شهر واحد (أو أقل إذا تمت معالجتهما بنجاح). يجب أن يكون واحد منها على الأقل من (1) أو (2) أو (3):
1. الهذيانات.
2. الهلاوس.
3. الكلام غير المنظم (مثل تكرر الهذيانات أو عدم تنظيمها).
4. سلوك غير منظم بشكل كبير أو تخشبي (كاتاتونية).
5. الأعراض السلبية (تراجع التعبير الانفعالي أو العاطفي أو فقدان الإرادة على التعبير).
ب. بالنسبة لجزء كبير من الوقت منذ بداية الاضطراب، فإن مستوى الأداء في واحد أو أكثر من المجالات الرئيسية، مثل العمل أو العلاقات بين الأشخاص أو الرعاية الذاتية، تنخفض بشكل ملحوظ من المستوى الذي تم تحقيقه قبل بدء الاضطراب (أو عندما تكون البداية في مرحلة الطفولة أو المراهقة، يكون هناك فشل في تحقيق المستوى المتوقع من الأداء الشخصي أو الأكاديمي أو المهني).
ج. تواصل علامات استمرار الاضطراب لمدة 6 أشهر على الأقل. يجب أن تتضمن فترة الستة أشهر هذه أعراض شهر واحد على الأقل (أو أقل إذا تمت معالجتها بنجاح) تفي بالمعايير "أ" (أي أعراض المرحلة النشطة) وقد تتضمن فترات من الأعراض البادرية أو المتبقية. خلال هذه الفترات البادرية (الفترة التي تسبق الاضطراب) أو المتبقية، قد تتجلى علامات الاضطراب فقط من خلال الأعراض السلبية أو عن طريق اثنين أو أكثر من الأعراض المذكورة في المعيار "أ" الموجودة في الشكل الخفيف (على سبيل المثال معتقدات غريبة، خبرات إدراكية غير عادية).
د. تم استبعاد اضطراب الفصام العاطفي (الوجداني) والاضطراب الاكتئابي أو ثنائي القطب مع السمات الذهانية إما :
1) لم تحدث أي نوبات اكتئابية أو هوسية كبرى بالتزامن مع أعراض المرحلة النشطة. أو
2) إذا حدثت نوبات مزاجية أثناء أعراض المرحلة النشطة، كانت موجودة لمد قليلة من الفترة الإجمالية للفترات النشطة والمتبقية من المرض.
(هـ). لا يعزى الاضطراب إلى الآثار الفيزيولوجية لمادة ما (مثل تعاطي عقار أو دواء) أو حالة طبية أخرى.
و. إذا كان هناك تاريخ من اضطراب طيف التوحد أو اضطراب التواصل في بداية الطفولة، فإن التشخيص الإضافي لمرض الفصام يوضع فقط إذا كانت الهذيانات أو الهلاوس بارزة، بالإضافة إلى الأعراض الأخرى المطلوبة في الفصام وموجودة أيضًا خلال شهر واحد (أو أقل إذا تمت معالجته بنجاح).
3. الوصف الإكلينيكي للأعراض:
تتوافق الأعراض المميزة لمرض الفصام مع مجموعة من التشوهات المعرفية والسلوكية والعاطفية، يشمل التشخيص التعرف على مجموعة من العلامات والأعراض التي ترتبط بحد ذاتها بتغيير في الأداء المهني أو الأداء الاجتماعي. يختلف الأفراد المصابون بهذا الاضطراب بشكل كبير مع معظم الخصائص لأن الفصام هو متلازمة غير متجانسة سريريًا (A.P.A, 2013: ;2015 :).
ويجب أن تظهر في مدة لا تقل عن شهر واحد على الأقل عرضين من أعراض الذهان الخمسة (الأعراض الإيجابية الأربعة + الأعراض السلبية) كالتالي:
1.3. الهذيان: الهذيان هو اعتقاد خاطئ لا يمكن تفسيره بالثقافة أو البيئة الاجتماعية. لا يمكن لأي هذيان أن يثني عن هذه القاعدة، على الرغم من وجود دليل على أنه لا يتماشى مع المعايير الاجتماعية. هناك عدة أنواع من الهذيان، هذيان العظمة هو الذي يعتقد فيه الشخص أنه شخص مشهور أو مهم جداً مثل الله أو نجم سينمائي، كما قد يعتقد المرضى الذين يعانون من هذا النوع من الهذيان أنهم قريبون بشكل خاص من شخصية شهيرة أو دينية (الانتساب). بعض المرضى لديهم أوهام بالذنب يعتقدون أنهم ارتكبوا جريمة أو خطيئة فظيعة. قد يعاني شخص مصاب بمرض انفصام الشخصية من وهن جسدي يعتقد فيه أن شيئًا فظيعًا قد حدث لجسده على سبيل المثال يعتقد بعض المصابين بالفصام أنهم أصيبوا بالسرطان أو أن أمعاءهم قد تم استبدالها بخرطوم حديقة. ولعل أكثر أنواع الهذيان شيوعا هو الهذيان المضطهد (Brigid M. Kane, Christine, Ph.d. Collins, 2007 :18-19).
يعتقد الشخص الذي لديه هذيان الاضطهاد أن شخصًا ما أو شيئًا ما يحاول أن يؤذيه، ويؤدي الهذيان المرجعي إلى اعتقاد المرضى أنه يتم الحديث عنهم أحيانًا على التلفزيون أو الإذاعة أو في الجريدة. وأخيراً يعاني بعض مرضى الفصام من أوهام السيطرة على الفكر (التأثير) حيث يعتقدون أن الأفكار يتم وضعها أو إخراجها من عقولهم (أو صدى الأفكار) (Brigid M. Kane, Christine, Ph.d. Collins, 2007 : 19).
2.3. الهلاوس: تحدث الهلوسة عندما يدرك شخص ما شيئًا لا يمكن للآخرين ادراكه، والشكل الأكثر شيوعًا للهلوسة هو السمعي، والذي يتضمن سماع أشياء لا يستطيع الآخرون سماعها، بالإضافة إلى ذلك قد تكون الهلاوس مرئية، حيث يعتقد الناس أنهم يرون شيئًا لا يمكن لأي شخص آخر رؤيته. تحدث الهلاوس عن طريق اللمس عندما يشعر الفرد بشيء لا يستطيع تفسيره، مثل وخز الكهرباء بلا سبب. نادراً ما يعاني مرضى الفصام من الهلوسة الشمية ويشمون أشياء لا يستطيع الآخرون شمها، كما يعاني عدد قليل من المرضى من الهلوسة الذوقية وتذوق الأشياء التي لا يستطيع الآخرون تذوقها. محتوى الهلوسة الذوقية والشمية عادة ما يكون غير سار مثل رائحة أو طعم القمامة أو أي شيء متعفن (Brigid M. Kane, Christine, Ph.d. Collins, 2007 : 19). كما قد تكون الهلوسة الحسية تتعلق بالاحساسات الداخلية وهو انطباع بأن جزءًا من أو كل جسده قد تم تحويله أو امتلاكه بواسطة قوة خارجية تثير الأحاسيس، أما الهلوسة النفسية تُعتبر هلاوسًا خاطئة لأنّ هذه المواضيع لا يشعر بها كإدراك شخصي بل كاختراق للعالم الخارجي في حياته النفسية: "الآخر" قد تدخّل في وعيه وتفرض عليه (http://sante.lefigaro.fr /sante/symptome/ hallucinations/differents-types vue le 16/10/2018 à 12.22) مثلا ككلام أحد الأشخاص في حلق المريض.
3.3. الحديث غير المنظم: ولعل أكثر الأعراض شيوعا في انفصام الشخصية هو عدم تنظيم الكلام، اذ غالباً ما يكون الحديث غير منظم وخارج الموضوع ويكاد يكون من المستحيل فهمه، كما قد يبدأ المريض بالتحدث عن والدته أو أمها ويغيّر الموضوع بسرعة ويبدأ بالحديث عن بساتين التفاح. يمكن لشخص يتحدث بهذه الطريقة بناء جملة كهذه "هناك طلاء الأظافر على البيتزا التي تجلس على شاحنة، حظا سعيدا!" ليس فقط هذه الجملة غير منطقية ولكن الكلمات قد تأخذ شكل قافية أو جناس. وكما قد يصل الكلام غير المنظم إلى درجة أنه لا معنى له على الإطلاق بالمعنى الحرفي أو النحوي. من المثير للاهتمام في الكلام غير المنظم هو مخالفة واضحة لأنماط اللغة العادية والتي يصعب للغاية تقليدها (وضع لغة خاصة) (Brigid M. Kane, Christine, Ph.d. Collins, 2007 : 19-20).
4.3. السلوك غير المنظم: السلوك غير المنظم يعني أن المريض يعاني من صعوبة في السلوك الموجه نحو الهدف فالمرضى الذين لديهم سلوك غير منظم لديهم مشاكل في لبس الثياب أو إعداد الطعام او لتناول الطعام. وغالبا ما يرتدون ملابس غير مناسبة، أو قذرة أو غير متطابقة بشكل واضح مع الوضع أو الطقس، بعض الأشخاص المصابين بالفصام يخرجون في الشتاء يرتدون ثياب صيفية، أو يرتدون قميصا من النوع الثقيل والمعطف في الصيف. الأشكال الأخرى للسلوك غير المنظم تشمل الصراخ أو الشتم في الأماكن العامة أو سلوكيات أخرى متناقضة أو غير مفهومة (Brigid M. Kane, Christine, Ph.d. Collins, 2007 : 20) أو تكون مصحوبة بسلوكيات تخشبية (جنينية أو سريرية) مصحوبة بحالة من الذهول.
وتظهر هذه الأعراض على شكل ثلاث فئات من أعراض الفصام: إيجابية، سلبية، وغير منظمة:
5.3. الأعراض الإيجابية: وهي الأعراض المذكورة سالفا من هلاوس وهذيانات وحديث وسلوك غير منظم والتي لا تعني أنها جيدة بل أنها تؤكد وجود الاضطراب استمراره وانقطاعه.
6.3. الأعراض السلبية: يبدو أن الأعراض السلبية تشبه إلى حد كبير تلك الأنواع من الأعراض الموجودة لدى الأشخاص الذين يعانون من تلف في الدماغ بسبب عوامل أخرى، وعلى هذا النحو تم ربط الأعراض السلبية ببنيان الدماغ. وأبرز الأعراض السلبية هي:
(1) فقر الكلام أو تراجع القدرة على الحوار.
(2) تقييد عاطفي وتقلص المدى العاطفي.
(3) الإقلال من الاهتمام بالبيئة والحد من الفضول.
(4) تقلص الإحساس بالهدف.
(5) تراجع وتقلص الاهتمام بالتفاعل الاجتماعي مع الآخرين (Richard Noll, 2006 :287).
7.3. الأعراض غير المنظمة: تشتمل الأعراض غير المنظمة على كل من الأفكار والكلمات والسلوكيات الغريبة والمشوشة. حيث تظهر في التناذر التفككي والذي يتميز بالتناقض وعدم الانتظام في كل من الأفكار الكلام السلوك والانفعالات، كما يظهر في كل من التناقض الوجداني والهذيانات المتقطعة والمتغيرة.
4. التشخيص التفريقي: (A.P.A, 2013 :104-105 ;2015 :129-130)
Ø اضطراب الاكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب يتميز بميزات ذهانية أو كتاتونية: التمييز بين مرض الفصام والاكتئاب أو الاضطراب الثنائي القطب مع ميزات ذهانية أو كتاتونية يعتمد على العلاقة الزمنية بين اضطراب المزاج والذهان، وشدة الأعراض هوس أو اكتئاب. إذا كانت الهذيانات أو الهلوسة تحدث بشكل حصري خلال نوبات اكتئابية مميزة أو هوسية، سيكون التشخيص هو حالة الاكتئاب أو ثنائية القطب ذات السمات الذهانية.
Ø الاضطراب الهذياني. يمكن تمييز الاضطراب الهذياني عن الفصام من خلال عدم وجود أعراض مميزة أخرى لمرض الفصام (على سبيل المثال من حيث الهذيانات أو الهلوسة السمعية أو البصرية الكبيرة، أو الكلام غير المنظم، أو السلوك غير المنظم بشكل كبير، أو الأعراض السلبية).
Ø الشخصية الفصامية. يمكن تمييز الشخصية الفصامية عن الفصام بسبب وجود أعراض مموهة التي ترتبط مع الخصائص المستمرة لاضطراب الشخصية.
Ø الوسواس القهري ووساوس تشوه الجسم. الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري ووساوس تشوه الجسم قد يكون لديهم بصيرة منخفضة أو لا، وقد تكون اهتماماتهم وهمية ولكن هذه الاضطرابات تتميز عن الفصام بأهمية الوساوس، الدوافع والمخاوف مع ظهور السلوكيات المتكررة تركز على الجسد، وعلى الاكتناز المرضي أو رائحة الجسم.
Ø اضطراب قلق ما بعد الصدمة. خلال قلق ما بعد الصدمة يمكن أن تحدث ذكريات الماضي التي لديها نفس خصائص الهلوسة، ويقظة مفرطة يمكن أن تصل إلى درجة هذيانات الاضطهاد. ولكن لتاكد من التشخيص من الضروري العثور على حدث مؤلم وعناصر مميزة تتعلق بإحياء الحدث أو رد فعل على هذا الحدث.
Ø اضطراب طيف التوحد أو اضطرابات التواصل. يمكن أن يكون لهذه الاضطرابات أيضًا أعراض تشبه أعراض ذهانيّة، لكن يتميّز كل منها بالاضطرابات في التفاعلات الاجتماعيّة (مصحوبة بسلوك متكرّر ومقيّد) وتشوهات أخرى في الإدراك والتواصل. يجب أن يكون لدى الشخص المصاب باضطراب طيف التوحد أو اضطراب التواصل الأعراض التي تلبي تمامًا معايير الفصام، مع الهلوسة والأوهام لمدة شهر على الأقل حتى يتم تشخيص وجود الاعتلال المشترك الفصامي.