-02-الدرس 

اضطراب القلق المعمم

1. التعريف:

اضطراب القلق المعمم هو حالة دائمة من القلق العام الذي ينطوي على قلق مزمن، مفرط، ومنتشر، مصحوب بأعراض جسدية أو نفسية للقلق تسبب ضائقة كبيرة أو ضعف في الأداء اليومي. يجب أن يتضمن الهم (انشغال البال) والقلق أحداثاً أو نشاطات متعددة للحياة (& D. A. Clark, 2010 :402 A. T. Beck).

2. معايير التشخيص حسب DSM V: 300.02 (F41.1) (American Psychiatric Association, 2013 :222 ;2015 :277):

أ. الهم والقلق المفرط (الترقب بخوف)، الذي يحدث في معظم الوقت وفي 6 أشهر الاخيرة، حول عدد من الأحداث أو الأنشطة (مثل أداء العمل أو المدرسة).

ب. يجد الفرد صعوبة في السيطرة على القلق والهم (انشغال البال).

(ج) يرتبط القلق والهم بثلاثة (أو أكثر) من الأعراض الستة التالية (مع وجود بعض الأعراض على الأقل مصاحبة بشكل دائم في الشهور الستة الماضية)

ملاحظة: مطلوب عنصر واحد فقط عند الأطفال.

1. الاثارة أو الشعور بالتعب أو الإرهاق.

2. القابلية للتعب بسهولة.

3. صعوبة في التركيز أو الشعور ان العقل فارغ.

4. التهيج.

5. توتر وتشنج العضلات.

6. اضطراب النوم (صعوبة النوم أو النوم المتقطع، أو النوم الضعيف والغير مرضي).

د. يسبب القلق أو الهم أو الأعراض الجسدية اضطرابًا أو ضعفًا ملحوظًا في المجالات الاجتماعية أو المهنية أو غيرها من المجالات المهمة.

(هـ) لا يُعزى الاضطراب إلى الآثار الفيزيولوجية لمادة ما (على سبيل المثال، تعاطي عقار أو دواء) أو حالة طبية أخرى (مثل فرط نشاط الغدة الدرقية).

(و) لا يمكن تفسير الاضطراب بشكل أفضل من خلال اضطرابات عقلية آخرى (على سبيل المثال، القلق أو الهم بشأن حدوث نوبات هلع في اضطراب الهلع، أو التقييم السلبي في اضطراب القلق الاجتماعي [رهاب اجتماعي]، أو تلوث أو هواجس أخرى في اضطراب الوسواس القهري، والفصل عن التعلق في اضطراب قلق الانفصال، والتذكير بالأحداث الصادمة في اضطراب ما بعد الصدمة، واكتساب الوزن في فقدان الشهية العصبي والشكاوى الجسدية في اضطراب الأعراض الجسدية، والعيوب المدركة للمظهر في اضطراب تشوه الجسم ، أو وجود مرض خطير في اضطراب القلق المرضي، أو محتوى المعتقدات الهذيانية في الفصام أو الاضطراب الهذياني).

3. الوصف الإكلينيكي للأعراض:

السمات السريرية الرئيسية للقلق المعمم هو القلق والهم المفرط. إن المخاوف قريبة جدا من النشاطات اليومية (العمل، الصحة، الأسرة، النجاح، الخ)، أو الأنشطة التافهة مثل الخوف من عدم الوصول للحافلة أو التأخر عن موعد (& J-D. Guelfi ; 2012 :224-225 F. Rouillon). و ما يميز القلق المعمم عن الأشكال الأخرى للقلق التي تعتبر طبيعية أو معتدلة أن القلق هو:

أولا: إن المخاوف المرتبطة بالاضطراب القلق المعمم وآثار الخلل النفسي الاجتماعي لها أهمية خاصة.

ثانياً: المخاوف المرتبطة باضطرابات القلق المعممة هي أكثر انتشاراً وغزوا وضوحا وتكون جد مؤلمة، وتستمر لمدة أطول وكثيرا ما تحدث دون سوابق، وكلما زاد نطاق القلق على حياة الشخص (على سبيل المثال، الجانب المالي وسلامة الأطفال والأداء الوظيفي) زاد احتمال تعميمه.

ثالثًا: احتمال أن تكون المخاوف اليومية مصحوبة بأعراض جسدية اقل (على سبيل المثال: سرعة التأثر، التململ أو الشعور بالارتباك أو الارهاق). الأشخاص الذين يعانون من القلق العام يعبرون عن الضيق الذاتي بسبب المخاوف والتغييرات المستمرة في مجالات عملهم الاجتماعية أو المهنية أو غيرها من المجالات المهمة (A.P.A ; 2013 :222-223 ;2015 :278).

كما ان الهم والقلق وانشغال البال يتميز بـ:

• دائم: يحدث في كثير من الأحيان خلال النهار أو كل يوم تقريبا.

• مستدام: موجود لمدة 6 أشهر على الأقل.

• لا يمكن السيطرة عليه: إنه يغزو عقل المريض، الذي لا يستطيع طرد وإبعاد المواضيع المقلقة عن العقل (التفكير).

• يتوجه نحو موضوعين مختلفين على الأقل (وليس مجرد قلق واحد محدد للغاية). وهي:

Ø    المرض أو الصحة أو خطر الإصابة أو الحادث (للنفس أو للعائلة).

Ø    النقود والتمويل (خطر التعرض لصعوبة مالية).

Ø    العمل أو المدرسة.

Ø    المشاكل العائلية أو المحلية أو العلائقية.

Ø  مشاكل مختلفة، مثل التأخير في موعد معين، أو توجيه المعلومات المهمة بشكل خاطئ، أو كسر الأشياء، أو وقوع الحرب ...إلخ (& J-D. Guelfi ; 2012: 225 F. Rouillon).

4. الانتشار واشكالية النوع (الجنس) والثقافة:

نسبة انتشار اضطراب القلق المعمم لمدة 12 شهراً تبلغ 0.9٪ بين المراهقين و2.9٪ بين البالغين في المجتمع العام للولايات المتحدة. يتراوح معدل انتشار الاضطراب في الدول الأخرى خلال 12 شهرًا بين 0.4٪ إلى 3.6٪. إن مخاطر بقاء المرض مدى الحياة هي 9٪. ذروات انتشار المرض في منتصف العمر (30-40 سنة) ويتراجع على مدى السنوات الأخيرة من الحياة (A.P.A ; 2013: 223 ;2015 :278-279).

يميل الأفراد المنحدرون من أصل أوروبي إلى مواجهة اضطراب القلق العام بشكل متكرر أكثر من الأفراد المنحدرين من أصل غير أوروبي (آسيوية، أفريقية، أمريكية أصلية، وجزر المحيط الهادى). وعلاوة على ذلك فإن الأفراد من البلدان المتقدمة هم أكثر عرضة من الأفراد من البلدان غير المتقدمة لدرجة الإبلاغ عن تعرضهم لأعراض تستوفي معايير اضطراب القلق المعمم في حياتهم (A.P.A ; 2013: 223 ;2015 :278-279).

في المجال العيادي، يتم تشخيص اضطراب القلق العام إلى حدٍ ما عند الإناث أكثر من الذكور (حوالي 55٪ -60٪ من الذين يعانون من الاضطراب هم من الإناث). في الدراسات الوبائية، حوالي الثلثي من الإناث. يبدو أن الإناث والذكور الذين يعانون من اضطراب القلق العام لديهم أعراض متشابهة ولكنهم يظهرون أنماطًا مختلفة من الاعتلال المشترك بما يتفق مع الاختلافات بين الجنسين في انتشار الاضطرابات. فالإناث يقتصر الاعتلال المشتركة إلى حد كبير على اضطرابات القلق والاكتئاب أحادي القطب، بينما عند الذكور من المرجح أن يمتد الاعتلال المشترك إلى اضطرابات تعاطي المخدرات (A.P.A ; 2013: 224-225 ;2015 :280).

5. التطور التنبؤ والمآل:

أفاد العديد من الأفراد الذين يعانون من اضطراب القلق العام أنهم شعروا بالقلق والعصبية طوال حياتهم. العمر الوسيط عند بداية اضطراب القلق العام هو 30 سنة. قد تحدث أعراض القلق المفرط في وقت مبكر من الحياة ولكن تظهر بعد ذلك كمزاج قلق. نادرا ما يحدث هذا الاضطراب قبل المراهقة. فأعراض اضطراب القلق العام تميل إلى أن تكون مزمنة مع تغيرات على طوال العمر، ومعدلات التراجع الكاملة منخفضة للغاية.

إن التعبير السريري عن اضطراب القلق المعمم متناسق نسبياً طوال العمر. الفارق الأساسي بين الفئات العمرية هو في محتوى قلق الفرد حيث يميل الأطفال والمراهقون للقلق أكثر بشأن الأداء المدرسي والرياضي، في حين أن كبار السن يبلغون عن قلق أكبر بشأن الأسرة أو الصحة البدنية الخاصة بهم. وبالتالي فإن محتوى قلق الفرد يميل إلى أن يكون مناسبًا للعمر. البالغين الأصغر سنا يعانون من شدة الأعراض أكثر من الكبار.

في وقت مبكر من حياة الأفراد لديهم أعراض تفي بمعايير اضطراب القلق العام، فقد يكون ظهور الأمراض الجسدية المزمنة مشكلة قوية للقلق الشديد لدى كبار السن. في حين عند كبار السن الضعفاء، قد تتقيد المخاوف بالسلامة والأمن، وخصوصًا السقوط ـ

يمكن تشخيص اضطراب القلق المعمم عند الأطفال، حيث يجب إجراء تقييم شامل لوجود اضطرابات القلق الأخرى في الطفولة وغيرها من الاضطرابات العقلية لتحديد ما إذا كان من الممكن تفسير المخاوف بشكل أفضل من خلال واحدة من هذه الاضطرابات اضطراب قلق الانفصال، واضطراب القلق الاجتماعي (رهاب اجتماعي)، واضطراب الوسواس القهري غالبا ما يكون مصحوبا بقلق قد يحاكي تلك الموصوفة في اضطراب القلق المعمم. على سبيل المثال: قد يشعر الطفل الذي يعاني من اضطراب القلق الاجتماعي بالقلق بشأن الأداء المدرسي بسبب الخوف من الإذلال. كما يمكن تفسير القلق بشأن المرض بشكل أفضل باضطراب قلق الانفصال أو اضطراب الوسواس القهري (A.P.A ; 2013: 223-224 ;2015 :279-280).

7. التشخيص التفريقي: حسب DSM5 (A.P.A ; 2013: 225-226 ;2015 :281-282):

Ø      اضطراب القلق بسبب حالة طبية أخرى. يجب تعيين تشخيص اضطراب القلق المصاحب لحالة طبية أخرى إذا تم الحكم على قلق الفرد وانشغال البال استنادًا إلى تاريخه المرضي أو النتائج المخبرية، أو الفحص البدني ليكون تأثيرًا فيزيولوجيًا لحالة طبية محددة أخرى (على سبيل المثال، ورم القواتم (نخاع الغدة الكظرية)، فرط نشاط الغدة الدرقية).

Ø      اضطراب القلق الناتج عن تعاطي المواد المخدرة. يميز اضطراب القلق الناجم عن المادة المخدرة/ الدواء عن اضطراب القلق العام من حقيقة أن مادة أو دواء (على سبيل المثال، الافراط في تعاطي الدواء أو تناول مادة سمة أو مخدرة) يعتبر أنه مرتبط من الناحية السببية بالقلق. على سبيل المثال، يتم تشخيص القلق الشديد الذي يحدث فقط في سياق استهلاك القهوة الثقيلة كاضطراب القلق الناجم عن الكافيين.

Ø               اضطراب القلق الاجتماعي. الأفراد الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي غالبًا ما يكون لديهم قلق استباقي يركز على المواقف الاجتماعية المقبلة التي يجب عليهم القيام بها أو تقييمهم من قبل الآخرين، في حين أن الأفراد الذين يعانون من اضطراب القلق العام قلقون سواء تم تقييمهم أم لا.

Ø      اضطراب الوسواس القهري. تتميز العديد من سمات انشغال البال المفرط في اضطراب القلق العام عن الأفكار الوسواسية في اضطراب الوسواس القهري. في حالة اضطراب القلق العام ينصب تركيز القلق على المشكلات القادمة ويزيد انشغال البال بشأن الأحداث المستقبلية غير الطبيعية،  في اضطراب الوسواس القهري الهواجس والأفكار الغير ملائمة التي تأخذ شكل أفكار، دوافع أو صور متطفلة وغير المرغوب فيها.

Ø      اضطرابات ما بعد الصدمة واضطرابات التكيف. القلق الموجود دائما في اضطراب ما بعد الصدمة لا يتم تشخيصه على اساس اضطراب القلق المعمم إذا تم تفسير القلق وبشكل أفضل من خلال أعراض اضطراب ما بعد الصدمة. قد يكون القلق موجودًا أيضًا في اضطراب التكيف، ولكن يجب استخدام هذه الفئة المتبقية فقط عند عدم استيفاء المعايير لأي اضطراب آخر (بما في ذلك اضطراب القلق العام). علاوة على ذلك في اضطرابات التكيف، يحدث القلق ردا على ضغوط محددة في غضون 3 أشهر من بداية الضغط ولا يستمر لأكثر من 6 أشهر بعد إنهاء الضغط أو عواقبه.

Ø      الاضطرابات الاكتئابية، وثنائية القطب، والذهانية. الهم / القلق العام هو سمة مشتركة مرتبطة بالاضطرابات الاكتئابية، وثنائية القطب، والذهانية، ويجب ألا يتم تشخيصه بشكل منفصل إذا كان القلق المفرط قد حدث فقط خلال هذه الظروف.

8. العلاج:

1.8 العلاج الدوائي:

على مدى 20 عاما، بدا البنزوديازيبينات -الفاليوم حتى ألبرازولام -العلاج الأنسب للأشخاص الذين تم تحديدهم على أنهم يعانون من اضطراب القلق العام (GAD)، أي الأشخاص الذين كانوا قلقين للغاية ومضطربين من الأعراض الجسدية لقلقهم. صنفت البنزوديازيبينات كأدوية مزيلة للقلق، وكان لها تأثير قصير المدى على القلق. بدا هذا النهج منطقي مع ذلك لم يعد كذلك، وهذه الأدوية ليست أكثر من ذلك العلاج الذي يحدث من خلاله استقرار القلق. ويرجع ذلك أساسا إلى الآثار السلبية التي تولدها هذه المركبات، مثل الإدمان والتبعية، والاضطرابات المعرفية والحركية تتجلى في حوادث العمل والحوادث المرورية، وتحول الرأي العام نحو استخدام العلاجات النفسية من الأدوية الذي يعتبر أكثر أمانا وأكثر فعالية (مارتن وآخرون، 2007) في (Gavin Andrews et coll, 2016 :23).

بالإضافة إلى ذلك يوصف كل من sertraline وescitalopram و paroxetine (IRSS) مثبطات السيروتونين من الجيل الثاني كما توصف sertraline و duloxetineو venlafaxine (IRNS) مثبطات امتصاص السيروتونين والنوربيريفرين و pregabalin (مضاد اختلاج) رغم ذلك يبقى العلاج النفسي خاصة المعرفي السلوكي الأداة السليمة والفعالة لذلك (Gavin Andrews et coll, 2016 :23-26).

2.8. العلاج النفسي: العلاج المعرفي السلوكي:

العلاج المعرفي السلوكي هو الخيار المفضل لعلاج القلق المعمم، حيث تشير الأبحاث إلى أن العلاج المعرفي السلوكي يبرهن على وجود نتائج مكافئة أو أعلى مقارنة مع أشكال أخرى من العلاج النفسي والعلاج الدوائي (Gavin Andrews et coll, 2016 :33).

الهدف الأسمى للعلاج المعرفي للقلق المعمم هو تقليل تواتر وشدة ومدة نوبات القلق والهم التي من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض مرتبط في الأفكار التلقائية المتداخلة مع الهم (انشغال البال) والقلق العام. يتحقق ذلك عن طريق تعديل التقييمات والمعتقدات مختلة الوظيفة وكذلك استراتيجيات السيطرة الغير قادرة على التكيف والتي تعتبر المسؤولة عن القلق المزمن. إن التجربة الناجحة للعلاج المعرفي من شأنها أن تحوّل القلق من استراتيجية التكيف لتجنب الأمراض إلى عملية بناءة أكثر توجهاً وموجهة للمشاكل، حيث يكون فيها الشخص القلق أكثر تسامحاً 02

Last modified: Tuesday, 13 December 2022, 9:37 PM